فصل: جودر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء **


 الباب الثاني عشر طبقات الأطبّاء الذين كانوا من الهند

 كنكه الهندي

حكيم بارع من متقدمي حكماء الهند وأكابرهم وله نظر في صناعة الطب وقوى الأدوية وطبائع المولدات وخواص الموجودات وكان من أعلم الناس بهيئة العالم وتركيب الأفلاك وحركات النجوم وقال أبو معشر جعفر بن محمد ابن عمر البلخي في كتاب الألوف إن كنكه هو المقدم في علم النجوم عند جميع العلماء من الهند في سالف الدهر ولكنكه من الكتب كتاب النموذار في الأعمار كتاب أسرار المواليد كتاب القرانات الكبير كتاب القرانات الصغير كتاب الطب وهو يجري مجري كناش كتاب في التوهم كتاب في أحداث العالم والدور في القران‏.‏

 صنجهل

كان من علماء الهند وفضلائهم الخبيرين بعلم الطب والنجوم ولصنجهل من الكتب كتاب المواليد الكبير وكان من بعد صنجهل الهندي جماعة من بلاد الهند ولهم تصانيف معروفة في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم مثل باكهر راحه صكة داهر انكرزنكل جبهر اندي جاري كل هؤلاء أصحاب تصانيف وهم من حكماء الهند وأطبائهم ولهم الأحكام الموضوعة في علم النجوم والهند تشتغل بمؤلفات هؤلاء فيما بينهم ويقتدون بها ويتناقلونها وقد نقل كثير منها إلى اللغة العربية ووجدت الرازي قد نقل في كتابه الحاوي وفي غيره عن كتب جماعة من الهند مثل كتاب شرك الهندي وهذا الكتاب فسره عبد اللّه بن علي من الفارسي إلى العربي لأنه أولاً نقل من الهندي إلى الفارسي وعن كتاب سسرد وفيه علامات الأدواء ومعرفة علاجها وأدويتها وهو عشر مقالات أمر يحيى بن خالد بتفسيره وكتاب بدان في علامات أربعمائة وأربعة أدواء ومعرفتها بغير علاج وكتاب سندهشان وتفسيره كتاب صورة النجح وكتاب فيما اختلف فيه الهند والروم في الحار والبارد وقوى الأدوية وتفصيل السنة وكتاب تفسير أسماء العقار بأسماء عشرة وكتاب أسانكر الجامع وكتاب علاجات الحيالى للهند وكتاب مختصر في العقاقير للهند وكتاب نوفشل فيه مائة داء ومائة دواء وكتاب روسي الهندية في علاجات النساء وكتاب السكر للهند وكتاب رأي الهندي في أجناس الحيات وسمومها وكتاب التوهم في الأمراض والعلل لأبي قبيل الهندي‏.‏

ومن المشهورين أيضاً من أطباء الهند شاناق وكانت له معالجات وتجارب كثيرة في صناعة الطب وتفنن في العلوم وفي الحكمة وكان بارعاً في علم النجوم حسن الكلام متقدماً عند ملوك الهند ومن كلام شاناق قال في كتابه الذي سماه منتحل الجوهر يا أيها الوالي اتق عثرات الزمان واخش تسلط الإمام ولوعة غلبة الدهر اعلم أن الأعمال جزاء فاتق عوائق الدهر والأيام فإن لها غدرات فكن منها على حذر والأقدار مغيبات فاستعد لها والزمان منقلب فاحذر دولته لئيم الكرة فخف سطوته سرع الغرة فلا تأمن دولته واعلم أن من لم يداو نفسه من سقام الآثام في أيام حياته فما أبعده من الشفاء في دار لا دواء لها ومن أذل حواسه واستبعدها فيما تقدم من خير لنفسه أبان فضله وأظهر نبله ومن لم يضبط نفسه وهي واحدة لم يضبط حواسه وهي خمس فإذا لم يضبط حواسه مع قلتها وذلتها صعب عليه ضبط الأعوان مع كثرته وخشونة جانبهم فكانت عامة الرعية في أقاصي البلاد وأطراف المملكة أبعد من الضبط ولشاناق من الكتب كتاب السموم خمس مقالات فسره من اللسان الهندي إلى اللسان الفارسي منكه الهندي وكان المتولي لنقله بالخط الفارسي رجل يعرف بأبي حاتم البلخي فسره ليحيى بن خالد بن برمك ثم نقل للمأمون على يد العباس بن سعيد الجوهري مولاه وكان المتولي قراءته على المأمون كتاب البيطرة كتاب في علم النجوم

 جودر

حكيم فاضل من حكماء الهند وعلمائه متميز في أيامه وله نظر في الطب وتصانيف في العلوم الحكمية وله من الكتب كتاب المواليد وهو قد نقل إلى العربي‏.‏

 منكه الهندي

كان عالماً بصناعة الطب حسن المعالجة لطيف التدبير فيلسوفاً من جملة المشار إليهم في علوم الهند متقناً للغة الهند ولغة الفرس وهو الذي نقل كتاب شاناق الهندي في السموم من اللغة الهندية إلى الفارسي وكان في أيام الرشيد هارون وسافر من الهند إلى العراق في أيامه واجتمع به وداواه ووجدت في بعض الكتب أن منكه الهندي كان في جملة إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي وكان ينقل من اللغة الهندية إلى الفارسية والعربية ونقلت من كتاب أخبار الخلفاء والبرامكة إن الرشيد اعتل علة صعبة فعالجه الأطباء فلم يجد من علته إفاقة فقال له أبو عمر الأهجمي بالهند طبيب يقال له منكه وهو أحد عبادهم وفلاسفتهم فلو بعث إليه أمير المؤمنين فلعل أن يهب له الشفاء على يده قال فوجه الرشيد من حمله ووصله بصلة تعينه على سفره فقدم وعالج الرشيد فبرأ من علته بعلاجه فأجرى عليه رزقاً واسعاً وأموالاً كافية قال فبينما منكه ماراً في الخلد إذا هو برجل من المائنين قد بسط كساءه وألقى عليه عقاقير كثيرة وقام يصف دواءٌ عنده فقال في صفته هذا دواء للحمى الدائمة وحمى الغب وحمى الربع ولوجع الظهر والركبتين والخام والبواسير والرياح ووجع المفاصل ووجع العينين ولوجع البطن والصداع والشقيقة ولتقطير البول والفالج والارتعاش ولم يدع علة في البدن إلا ذكر أن ذلك الدواء شفاؤها فقال منكه لترجمانه ما يقول هذا فترجم له ما سمع فتبسم منكه وقال على كل حال ملك العرب جاهل وذلك أنه إن كان الأمر على ما قال هذا فلم حملني من بلدي وقطعني عن أهلي وتكلف الغليظ من مؤونتي وهو يجد هذا نصب عينه وبإزائه وإن كان الأمر ليس كما يقول هذا فلم لا يقتله فإن الشريعة قد أباحت دم هذا ومن أشبهه لأنه أن قُتل ما هي إلا نفسٌ تحيا بفنائها أنفسُ خلقٍ كثير وإن تُرك وهذا الجهل قتَلَ في كل يوم نفساً والحري أن يقتل اثنين أو ثلاثة وأربعة في كل يوم وهذا فساد في الدين ووهن في المملكة

 صالح بن بهلة الهندي

متميز من علماء الهند وكان خبيراً بالمعالجات التي لهم وله قوة وإنذارات في تقدمة المعرفة وكان بالعراق في أيام الرشيد هارون قال أبو الحسن يوسف بن إبراهيم الحاسب المعروف بابن الداية حدثني أحمد بن رشيد الكاتب مولى سلام الأبرش إن مولاه حدثه إن الموائد قدمت بين يدي الرشيد في بعض الأيام وجبرائيل ابن بختيشوع غائب فقال لي أحمد قال أبو سلمة يعني مولاه فأمرني أمير المؤمني بطلب جبرائيل ليحضر أكله على عادته في ذلك فلم أدع منزلاً من منازل الولد ومن كان يدخل إليه جبرائيل من الحرم إلا طلبته فيه ولم أقع له على أثر فأعلمت أمير المؤمنين بذلك فطفق يلعنه ويقذفه إذ دخل عليه جبرائيل والرشيد على تلك الحال من قذفه ولعنه فقال له لو اشتغل أمير المؤمنين بالبكاء على ابن عمه إبراهيم بن صالح وترك ما فيه من تناولي بالسب كان أشبه فسأله عن خبر إبراهيم فأعلمه أنه خلف وبه رمق ينقضي بآخره وقت صلاة العتمة فاشتد جزع الرشيد لما أخبره به وأقبل على البكاء وأمر برفع الموائد فرفعت وكثر ذلك منه حتى رحمه مما نزل به جميع من حضر فقال جعفر بن يحيى يا أمير المؤمنين أن طب جبرائيل طب رومي وصالح بن بهلة الهندي في العلم بطريقة أهل الهند في الطب مثل جبرائيل في العلم بمقالات الروم فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإحضاره وتوجيهه إلى إبراهيم بن صالح لنفهم عنه ما يقول مثل ما فهمنا عن جبرائيل فعل فأمر الرشيد جعفراً بإحضاره وتوجيهه والمصير به إليه ورده بعد منصرفه من عنده ففعل ذلك جعفر ومضى صالح إلى إبراهيم حتى عاينه وجس عرقه وصار إلى جعفر وسأله عما عنده من العلم فقال لست أخبر بالخبر غير أمير المؤمنين فاستعمل جعفر مجهوده بصالح أن يخبره بجلة من الخبر فلم يجبه إلى ذلك ودخل جعفر على الرشيد فأخبره بحضور صالح وامتناعه عن إخباره بما عاين فأمر بإحضار صالح فدخل ثم قال يا أمير المؤمنين أنت الإمام وعاقد ولاية القضاء للحكام ومهما حكمت به لم يجز لحاكم فسخه وأنا أشهدك يا أمير المؤمنين وأشهد على نفسي من حضرك أن إبراهيم ابن صالح إن توفي في هذه الليلة أو في هذه العلة إن كل مملوك لصالح بن بهلة أحرار لوجه اللّه وكل دابة له فحبيس في سبيل اللّه وكل مال له فصدقة على المساكين وكل امرأة له فطالق ثلاثاً بتاتاً فقال له الرشيد حلفت ويحك يا صالح على غيب فقال صالح كلا يا أمير المؤمنين إنما الغيب ما لا علم لأحد به ولا دليل له عليه ولم أقل ما قلت إلا بعلم واضح ودلائل بينة قال أحمد بن رشيد قال لي أبو سلمة فسري عن الرشيد ما كان يجد وطعم وأحضر له الشراب فشرب ولما كان وقت صلاة العتمة ورد كتاب صاحب البريد بمدينة السلام يخبر بوفاة إبراهيم بن صالح على الرشيد فاسترجع وأقبل على جعفر بن يحيى باللوم في إرشاده إياه إلى صالح بن بهلة وأقبل يلعن الهند وطبهم ويقول وأسوءتاه من اللّه أن يكون ابن عمي يتجرع غصص الموت وأنا أشرب النبيذَ ثم دعا برطل من النبيذ بالماء وألقى فيه شيئاً من ملح وأخذ يشرب يتقيأ حتى قذف ما كان في جوفه من طعام وشراب وبكر إلى دار إبراهيم فقصد خدمه بالرشيد إلى رواق على مجالس لإبراهيم على يمين الرواق ويساره فراشان بكراسيهما ومتكئاتهما ومساندهما وفيما بين الفراشين نمارق فاتكأ الرشيد على سيفه ووقف وقال لا يحسن الجلوس في المصيبة بالأحبة من الأهل على أكثر من البسط ارفعوا هذه الفرش والنمارق ففعل ذلك الفراشون وجلس الرشيد على البساط فصارت سنة لبني العباس من ذلك اليوم ولم تكن قبله ووقف صالح بن بهلة بين يدي الرشيد فلم يناطقه أحد إلى أن سطعت روائح المجامر فصاح عند ذلك صالح اللّه اللّه يا أمير المؤمنين أن تحكم علي بطلاق زوجتي فتنزعها وتزوجها غيري وأنا رب الفرج المستحق له وتنكحها من لا تحل له واللّه اللّه أن تخرجني من نعمتي ولم يلزمني حنث واللّه اللّه أن تدفن ابن عمك حياً فواللّه يا أمير المؤمنين ما مات فأطلق لي الدخول عليه والنظر إليه وهتف بهذا القول مرات فإذن له بالدخول على إبراهيم وحده قال أحمد قال لي أبو سلمة فاقبلنا نسمع صوت ضرب بدن بكف ثم انقطع عنا ذلك الصوت ثم سمعنا تكبيراً فخرج إلينا صالح وهو يكبر ثم قال قم يا أمير المؤمنين حتى أريك عجباً فدخل إليه الرشيد وأنا ومسرور الكبير وأبو سليم معه فأخرج صالح إبرة كانت معه فأدخلها بين ظفر إبهام يده اليسرى ولحمه فجذب إبراهيم بن صالح يده وردها إلى بدنه فقال صالح يا أمير المؤمنين هل يحس الميت بالوجع فقال الرشيد لا فقال له صالح لو شئت أن يكلم أمير المؤمنين الساعة لكلمه فقال له الرشيد فأنا أسألك أن تفعل ذلك فقال يا أمير المؤمنين أخاف إن عالجته وأفاق وهو في كفن فيه رائحة الحنوط أن ينصدع قلبه فيموت موتاً حقيقياً فلا يكون لي في إحيائه حيلة ولكن يا أمير المؤمنين تأمر بتجريده من الكفن ورده إلى المغتسل وإعادة الغسل عليه حتى تزول رائحة الحنوط عنه ثم يلبس مثل ثيابه التي كان يلبسها في حال صحته وعلته ويطيب بمثل ذلك الطيب ويحول إلى فراش من فرشه التي كان يجلس وينام عليها حتى أعالجه بحضرة أمير المؤمنين فإنه يكلمه من ساعته قال أحمد قال أبو سلمة فوكلني الرشيد بالعمل بما حده صالح ففعلت ذلك ثم صار الرشيد وأنا ومسرور وأبو سليم وصالح إلى الموضع الذي فيه إبراهيم ودعا صالح بكندس ومنفخة من الخزانة ونفخ من الكندس في أنفه فمكث مقدار ثلث ساعة ثم اضطرب بدنه وعطس وجلس قدام الرشيد وقبل يده وسأله عن قصته فذكر أنه كان نائماً لا يذكر أنه نام مثله قط طيباً إلا أنه رأى في منامه كلباً قد أهوى إليه فتوقاه بيده فعض إبهام يده اليسرى عضة انتبه وهو يحس وجعها وأراه إبهامه التي كان صالح أدخل فيها الإبرة وعاش إبراهيم بعد ذلك دهراً ثم تزوج العباسة بنت المهدي وولي مصر وفلسطين وتوفي بمصر وقبره بها‏.‏

 الباب الثالث عشر طبقات الأطباء الذين ظهروا في بلاد المغرب

وأقاموا بها

 اسحاق بن عمران

طبيب مشهور وعالم مذكور ويعرف باسم ساعة وقال سليمان ابن حسان المعروف بابن جلجل إن إسحاق بن عمران مسلم النحلة وكان بغدادي الأصل ودخل إفريقية في دولة زيادة اللّه بن الأغلب التميمي وهو استجلبه وأعطاه شروطاً ثلاثة لم يف له بأحدها بعث إليه عند وروده عليه راحلة أقلته وألف دينار لنفقته وكتاب أمان بخط يده متى أحب الانصراف إلى وطنه انصرف وبه ظهر الطب بالمغرب وعرفت الفلسفة وكان طبيباً حاذقاً متميزاً بتأليف الأدوية المركبة بصيراً بتفرقة العلل أشبه الأوئل في علمه وجودة قريحته استوطن القيروان حيناً وألف كتباً منها كتابه العروف بنزهة النفس وكتابه في داء المالنخوليا لم يسبق مثله وكتابه في الفصد وكتاب في النبض‏.‏

ودارت له مع زيادة الله بن الأغلب محنة أوجبت الوجدة بينهما حتى صلبه ابن الأغلب وكان إسحاق قد استأذنه في الانصراف إلى بغداد فلم يأذن له وكان إسحاق يشاهد أكل ابن الأغلب فيقول له كل هذا ودع هذا حتى ورد على ابن الأغلب حدث يهودي اندلسي فاستقربه وخف عليه وأشهده أكله فكان إسحاق إذا قال له اترك هذا لا تأكله قال الإسرائيلي يصعبه عليك وكان بابن الأغلب علة النسمة وهي ضيق النفس فقد بين يديه لبناً مريباً فهم بأكله فنهاه أسحق وسهل عليه الإسرائيلي فوافقه بالأكل فعرض له في الليل ضيق النفس حتى أشرف على الهلاك فأرسل إلى إسحاق وقيل له هل عندك من علاج فقال قد نهيته فلم يقبل مني ليس عندي علاج فقيل لإسحاق هذه خمسمائة مثقال وعالجه فأبى حتى بلغ إلى ألف مثقال فأخذها وأمر بإحضار الثلج وأمره بالأكل منه حتى تملأ ثم قيأه فخرج جميع اللبن قد تجبن ببرد الثلج فقال إسحاق أيها الأمير لو دخل هذا اللبن إلى أنابيب رئتك ولحج فيها أهلكك بضيقة النفس لكني أجهدته وأخرجته قبل وصوله فقال زيادة اللّه باع إسحاق روحي في البدء اقطعوا رزقه فلما قطع عنه الرزق خرج إلى وضع فسيح من رحاب القيروان ووضع هنالك كرسياً ودواة وقراطيس فكان يكتب الصفات كل يوم بدنانير فقيل لزيادة اللّه عرضت لإسحاق الغني فأمر بضمه إلى السجن فتبعه الناس هنالك ثم أخحرجه بالليل إلى نفسه وكانت له معه حكايات ومعاتبات احنقته عليه لفرط جوره وسخف رأيه فأمر بفصده في ذراعيه جميعاً وسال دمه حتى مات ثم أمر به فصلب ومكث مصلوباً زماناً طويلاً حتى عشش في جوفه طائر وكان مما قال لزيادة اللّه في تلك الليلة واللّه أنك لتدعى بسيد العرب وما أنت لها بسيد ولقد سقيتك منذ دهر دواء ليفعلن في عقلك وكان زيادة اللّه مجنوناً فتمخل ومات ولإسحاق بن عمران من الكتب كتاب الأدوية المفردة كتاب العنصر والتمام في الطب مقالة في الاستسقاء مقالة وجيزة كتب بها إلى سعيد بن توفيل المتطبب في الإبانة عن الأشياء التي يقال أنها تشفي السقام وفيها يكون البرء مما أراد إتحافه به من نوادر الطب ولطائف الحكمة كتاب نزهة النفس كتاب في المالنخوليا كتاب في الفصد كتاب في النبض مقالة في علل القولنج وأنواعه وشرح أدويته وهي الرسالة التي كتب بها إلى العباس وكيل إبراهيم بن الأغلب كتاب في البول من كلام ابقراط وجالينوس وغيرهما كتاب جمع فيه أقاويل جالينوس في الشراب مسائل له مجموعة في الشراب على معنى ما ذهب إليه ابقراط وجالينوس في المقالة الثالثة من كتاب تدبير الأمراض الحادة وما ذكر فيها من الخمر كلام له في بياض المعدة ورسوب البول وبياض المني‏.‏

كان طبيباً فاضلاً بليغاً عالماً مشهوراً بالحذق والمعرفة جيد التصنيف عالي الهمة ويكنى أبا يعقوب وهو الذي شاع ذكره وانتشرت معرفته بالإسرائيلي وهو من أهل مصر وكان يكحل من أوليته ثم سكن القيروان ولازم إسحاق بن عمران وتتلمذ له وخدم الإمام أبا محمد عبيد اللّه المهدي صاحب إفريقية بصناعة الطب وكان إسحاق بن سليمان مع فضله في صناعة الطب بصيراً بالمنطق متصرفاً في ضروب المعارف وعمر عمراً طويلاً إلى أن نيف على مائة سنة ولم يتخذ امرأة ولا أعقب ولداً وقيل له أيسرّك أن لك ولداً قال أما إذا صار لي كتاب الحميات فلا يعني أن بقاء ذكره بكتاب الحميات أكثر من بقاء ذكره بالولد‏.‏

ويروى أنه قال لي أربعة كتب يحيي ذكري أكثر من الولد وهي كتاب الحميات وكتاب الأغذية والأدوية وكتاب البول وكتاب الأسطقسات وتوفي قريباً من سنة عشرين وثلثمائة‏.‏

وقال أحمد بن إبراهيمم بن أبي خالد المعروف بابن الجزار في كتاب أخبار الدولة يعني ابتداء دولة الإمام أبي محمد عبيد اللّه المهدي الذي ظهر من المغرب حدثني إسحاق بن سليمان المتطبب قال لما قدمت من مصر على زيادة اللّه بن الأغلب وجدته مقيماً بالجيوش في الأريس فرحلت إليه فلما بلغه قدومي وقد كان بعث في طلبي وأرسل إلي بخمسمائة دينار وتقويت بها على السفر فأدخلت إليه ساعة وصولي فسلمت بالإمرة وفعلت ما يجب أن يفعل للملوك من التعبد فرأيت مجلسه قليل الوقار والغالب عليه حب اللهو وكل ما حرك الضحك فابتدأني بالكلام ابن خنيس المعروف باليوناني فقال لي تقول أن الملوحة تجلو قلت نعم قال وتقول أن الحلاوة تجلو قلت نعم قال لي فالحلاوة هي الملوحة والملوحة والملوحة هي الحلاوة فقلت إن الحلاوة تجلو بلطف وملاءمة والملوحة تجلو بعنف فتمادى على المكابرة وأحب المغالطة فلما رأيت ذلك قلت له تقول أنت حي قال نعم قلت والكلب حي قال نعم قلت فأنت الكلب والكلب أنت فضحك زيادة اللّه ضحكاً شديداً فعلمت أن رغبته في الهزل أكثر من رغبته في الجد قال إسحاق فلما وصل أبو عبد اللّه داعي المهدي إلى رقادة أدناني وقرب منزلتي وكانت به حصاة في الكلى وكنت أعالجه بدواء فيه العقارب المحرقة فجلست ذات يوم مع جماعة من كتامة فسألوني عن صنوف من العلل فكلما أجبتهم فلم يفقهوا قولي فقلت لهم إنما أنتم بقر وليس معكم من الإنسانية إلا الاسم فبلغ الخبر إلى أبي عبد اللّه فلما دخلت إليه قال لي تقابل إخواننا المؤمنين من كتامة بما لا يجب وباللّه الكريم لولا أنك عذرك بأنك جاهل بحقهم وبقدر ما صار إليهم من معرفة الحق وأهل الحق لأضربن عنقك قال لي إسحاق فرأيت رجلاً شأنه الجد فيما قصد إليه وليس للهزل عنده سوق ولإسحاق بن سليمان من الكتب كتاب الحميات خمس مقالات ولم يوجد في هذا المعنى كتاب أجود منه ونقلت من خط أبي الحسن علي بن رضوان عليه ما هذا مثاله أقول أنا علي بن رضوان الطبيب أن هذا الكتاب نافع وجمع رجل فاضل وقد عملت بكثير مما فيه فوجدته لا مزيد عليه وباللّه التوفيق والمعونة كتاب الأدوية المفردة والأغذية كتاب البول اختصار كتابه في البول كتاب الأسطقسات كتاب الحدود والرسوم كتاب بستان الحكيم وفيه مسائل من العلم الإلهي كتاب المدخل إلى المنطق كتاب المدخل إلى صناعة الطب كتاب في النبض كتاب في الترياق كتاب في الحكمة وهو أحد عشر ميمراً‏.‏

 ابن الجزار

هو أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد ويعرف بابن الجزار من أهل القيروان طبيب ابن طبيب وعمه أبو بكر طبيب وكان ممن لقي إسحاق بن سليمان وصحبه وأخذ عنه وكان ابن الجزار من أهل الحفظ والتطلع والدراسة للطب وسائر العلوم حسن الفهم لها وقال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل إن أحمد بن أبي خالد كان قد أخذ لنفسه مأخذاً عجيباً في سمته وهديه وتعدده ولم يحفظ عنه بالقيروان زلة قط ولا أخلد إلى لذة وكان يشهد الجنائز والعرائس ولا يأكل فيها ولا يركب قط إلى أحد من رجال إفريقية ولا إلى سلطانهم إلا إلى أبي طالب عم معد وكان له صديقاً قديماً فكان يركب إليه يوم جمعة لا غير وكان ينهض في كل عام إلى رابطة على البحر المستنير وهو موضع مرابطة مشهور البركة مذكور في الأخبار على ساحل البحر الرومي فيكون هنالك طول أيام القيظ ثم ينصرف إلى إفريقية وكان قد وضع على باب داره سقيفة أقعد فيها غلاماً له يسمى برشيق أعد بين يديه جميع المعجونات والأشربة والأدوية فإذا رأى القوارير بالغداة أمر بالجواز إلى الغلام وأخذ الأدوية منه نزاهة بنفسه أن يأخذ من أحد شيئاً قال ابن جلجل حدثني عنه من أثق به قال كنت عنده في دهليزه وقد غص بالناس إذ أقبل ابن أخي النعمان القاضي وكان حدثنا جليلاً بإفريقية يستخلفه القاضي إذا منعه مانع عن الحكم فلم يجد في الدهليز موضعاً يجلس فيه إلا مجلس أبي جعفر فخرج أبو جعفر فقام له ابن أخي القاضي على قدم فما أقعده ولا أنزله وأراه قارورة ماء كانت معه لابن عمه ولد النعمان واستوفى جوابه عليها وهو واقف ثم نهض وركب وما كدح ذلك في نفسه وجعل يتكرر إليه بالماء في كل يوم حتى برئ العليل قال قال الذي حدثني فكنت عنده ضحوة نهار إذ أقبل رسول النعمان القاضي بكتاب شكره فيه على ما تولى من علاج ابنه ومعه منديل بكسوة وثلثمائة مثقال فقرأ الكتاب وجاوبه شاكراً ولم يقبض المال ولا الكسوة فقلت له يا أبا جعفر رزق ساقه اللّه إليك قال لي واللّه لا كان لرجال معد قبلي نعمة وعاش أحمد بن الجزار نيفاً وثمانين سنة ومات عتياً بالقيروان ووجد له أربعة وعشرون ألف دينار وخمسة وعشرون قنطاراً من كتب طبية وغيرها وكان قد هم بالرحلة إلى الأندلس ولم ينفذ ذلك وكان في دولة معد وقال كشاجم يمدح أبا جعفر أحمد بن الجزار ويصف كتابه المعروف بزاد المسافر أبا جعفر أبقيت حياً وميتاً مفاخر في طهر الزمان عظاما رأيت على زاد المسافر عندنا من الناظرين العارفين زحاما فأيقنت أن لو كان حياً لوقته يحنا لما سمى التمام تماما سأحمد أفعالاً لأحمد لم تزل مواقها عند الكرام كراما ولابن الجزار من الكتب كتاب في علاج الأمراض ويعرف بزاد المسافر مجلدان كتاب في الأدوية المفردة ويعرف باعتماد كتاب في الأدوية المركبة ويعرف بالبغية كتاب العدة لطول المدة وهو أكبر كتاب وجدناه له في الطب وحكى الصاحب جمال الدين القفطي أنه رأى له بقفط كتاباً كبيراً في الطب اسمه قوت المقيم وكان عشرين مجلداً كتاب التعريف بصحيح التاريخ وهو تاريخ مختصر يشتمل على وفيات علماء زمانه وقطعة جميلة من أخبارهم رسالة في النفس وفي ذكر اختلاف الأوائل فيها كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها كتاب طب الفقراء رسالة في إبدال الأدوية كتاب في الفرق بين العلل التي تشتبه أسبابها وتختلف أعراضها رسالة في التحذر من إخراج الدم من غير حاجة دعت إلى إخراجه رسالة في الزكام وأسبابه وعلاجه رسالة في النوم واليقظة مجربات في الطب مقالة في الجذام وأسبابه وعلاجه كتاب الخواص كتاب نصائح الأبرار كتاب المختبرات كتاب في نعت الأسباب المولدة للوباء في مصر وطريق الحيلة في دفع ذلك وعلاج ما يتخوف منه رسالة إلى بعض إخوانه في الاستهانة بالموت رسالة في المقعدة وأوجاعها كتاب المكلل في الأدب كتب البلغة في حفظ الصحة مقالة في الحمامات كتاب أخبار الدولة يذكر فيه ظهور المهدي بالمغرب كتاب الفصول في سائر العلوم والبلاغات‏.‏

 ابن السمينة

ومن أطباء الأندلس يحيى بن يحيى المعروف بابن السمينة من أهل قرطبة قال القاضي صاعد بن أحمد بن صاعد في كتاب التعريف في طبقات الأمم أنه كان بصيراً بالحساب والنجوم والطب متصرفاً في العلوم متفنناً في ضروب المعارف بارعاً في علم النحو واللغة والعروض ومعاني الشعر والفقه والحديث والأخبار والجدل وكان معتزلي المذهب ورحل إلى المشرق ثم انصرف وتوفي سنة خمس عشرة وثلثمائة‏.‏

المعروف بالمرحيطي من أهل قرطبة وكان في زمن الحكم وقال القاضي صاعد في كتاب التريف في طبقات الأمم أنه كان إمام الرياضيين بالأندلس في وقته وأعلم من كان قبله بعلم الأفلاك وحركات النجوم وكانت له عناية بأرصاد الكواكب وشغف بتفهم كتاب بطليموس المعروف بالمجسطي وله كتاب حسن في تمام علم العدد المعروف عندنا بالمعاملات وكتاب اختصر فيه تعديل الكواكب من زيج البتاني وعنى بزيج محمد بن موسى الخوارزمي وصرف تاريخ الفارسي إلى التاريخ العربي ووضع أوساط الكواكب فيه لأول تاريخ الهجرة وزاد فيه جداول حسنة على أنه اتبعه على خطئه فيه ولم ينبه على مواضع الغلط منه وقد نبهت على ذلك في كتابي المؤلف في إصلاح حركات الكواكب والتعريف بخطأ الراصدين‏.‏

وتوفي أبو القاسم مسلمة بن أحمد قبل مبعث الفتنة في سنة ثمان وتسعين وثلثمائة وقد أنجب تلاميذ جلة لم ينجب عالم بالأندلس مثلهم فمن أشهرهم ابن السمح وابن الصفار والزهراوي والكرماني وابن خلدون ولأبي القاسم مسلمة بن أحمد من الكتب كتاب المعاملات اختصار تعديل الكواكب من زيج البتاني‏.‏

 ابن السمح

هو أبو القاسم أصبغ بن محمد بن السمح المهندس الغرناطي وكان في زمن الحكم قال القاضي صاعد أن ابن السمح كان محققاً لعلم العدد والهندسة متقدماً في علم هيئة الأفلاك وحركات النجوم وكانت له مع ذلك عناية بالطب وله تآليف حسان منها كتاب المدخل إلى الهندسة في تفسير كتاب أقليدس ومنها كتاب ثمار العدد المعروف بالمعاملات ومنها كتاب طبيعة العدد ومنها كتابه الكبير في الهندسة يقضي فيه أجزاءها من الخط المستقيم والمقوس والمنحني ومنها كتابان في الآلة المساة بالأسطرلاب أحدهما في التعريف بصورة صنعتها وهو مقسوم على مقالتين والآخر في العمل بها والتعريف بجوامع ثمرتها وهو مقسم على مائة وثلاثين باباً ومنها زيجه الذي ألفه على أحد مذاهب الهند المعروف بالسند هند وهو كتاب كبير مقسم على جزأين أحدهما في الجداول والأخر في رسائل الجداول قال القاضي صاعد وأخبرني عنه تلميذه أبو مروان سليمان بن محمد بن عيسى بن الناشي المهندس أنه توفي بمدينة غرناطة قاعدة ملك الأمير حبوس بن ماكسن بن زيري بن مناد الصنهاجي ليلة الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت لرجب سنة ست وعشرين وأربعمائة وهو ابن ست وخمسين سنة شمسية ولابن السمح من الكتب كتاب المدخل إلى الهندسة كتاب المعاملات كتاب طبيعة العدد كتاب كبير في الهندسة يقضي فيها أجزاءها من الخط المستقيم والمقوس والمنحني كتاب التعريف بصورة صنعة الأسطرلاب مقالتان كتاب العمل بالأسطرلاب والتعريف بجوامع ثمرته زيج على أحد مذاهب الهند المعروف بالسند هند وهو كتاب كبير مقسم على جزئين أحدهما في الجداول والآخر في رسائل الجداول‏.‏

 ابن الصفار

هو أبو القاسم أحمد بن عبد اللّه بن عمر كان أيضاً متحققاً بعلم العدد والهندسة والنجوم وقعد في قرطبة لتعليم ذلك وله زيج مختصر على مذهب السند هند وكتاب في العمل بالأسطرلاب موجز حسن العبارة قريب المأخذ وكان من جملة تلامذة أبي القاسم مسلمة بن أحمد المرحيطي وخرج ابن الصفار عن قرطبة بعد أن مضى صدر من الفتنة واستقر بمدينة دانية قاعدة الأمير مجاهد العاري من ساحل بحر الأندلس الشرقي وتوفي بها رحمه اللّه وقد أنجب من أهل قرطبة جماعة وكان له أخ يسمى محمداً مشهور بعمل الأسطرلاب لم يكن بالأندلس قبله أجمل صنعاً لها منه ولابن الصفار من الكتب زيج مختصر على مذهب السند هند كتاب في العمل بالأسطرلاب‏.‏

 أبو الحسن علي بن سليمان الزهرواي

كان عالماً بالعدد والهندسة معتنياً بعلم اطب وله كتاب شريف في المعاملات على طريق البرهان وهو الكتاب المسمى بكتاب الأركان وكان قد أخذ كثيراً من العلوم الرياضية عن أبي القاسم مسلمة بن أحمد المعروف بالمرحيطي وصحبه مدة ولأبي الحسن علي بن سليمان الزهرواي من الكتب كتاب في العاملات على طريق البرهان وهو الكتاب المسمى بكتاب الأركان‏.‏

 الكرماني

هو أبو الحكم عمرو بن أحمد بن علي الكرماني من أهل قرطبة أحد الراسخين في علم العدد والهندسة قال القاضي صاعد أخبرني عن الكرماني تلميذه الحسين بن محمد بن الحسين بن يحيى المهندس المنجم أنه ما لقي أحداً يجاريه في علم الهندسة ولا يشق غباره في فك غامضها وتبين مشكلها واستيفاء أجزائها ورحل إلى ديار المشرق وانتهى منها إلى حران من بلاد الجزيرة وعني هناك بطلب الهندسة والطب ثم رجع إلى الأندلس واستوطن مدينة سرقسطة من ثغرها وجلب معه الرسائل المعروفة برسائل إخوان الصفاء ولا نعلم أحداً أدخلها الأندلس قبله وله عناية بالطب ومجريات فاضلة فيه ونفوذ مشهور في الكي والقطع والشق والبط وغير ذلك من أعمال الصناعة الطبية قال ولم يكن بصيراً بعلم النجوم التعليمي ولا بصناعة المنطق أخبرني عنه بذلك أبو الفضل حسداي بن يوسف بن حسداي الإسرائيلي وكان خبيراً به ومحله في العلوم النظرية المحل الذي لا يجارى فيه عندنا بالأندلس وتوفي أبو الحكم الكرماني رحمه اللّه بسرقسطة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وقد بلغ تسعين سنة أو جاوزها بقليل‏.‏

 ابن خلدون

هو أبو مسلم عمر بن أحمد بن خلدون الحضرمي من أشراف أهل إشبيلية ومن جملة تلامذة أبي القاسم مسلمة بن أحمد أيضاً وكان متصرفاً في علوم الفلسفة مشهوراً بعلم الهندسة والنجوم والطب مشبهاً بالفلاسفة في إصلاح أخلاقه وتعديل سيرته وتقويم طريقته وتوفي في بلده سنة تسع وأربعين وأربعمائة وكان من أشهر تلامذة أبي مسلم بن خلدون أبو جعفر أحمد بن عبد اللّه المعروف بابن الصفار المتطبب‏.‏

 أبو جعفر أحمد بن خميس بن عامر بن دميح

من أهل طليطلة أحد المعتنين بعلم الهندسة والنجوم والطب وله مشاركة في علوم اللسان

 حمدين بن أبان

كان في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط وكان طبيباً حاذقاً مجرباً وكان صهر بني خالد وله بقرطبة أصول ومكاسب وكان لا يركب الدواب إلا من نتاجه ولا يأكل إلا من زرعه ولا يلبس إلا من كتان ضيعته ولا يستخدم إلا بتلاده من أبناء عبيده‏.‏

 جواد الطبيب النصراني

كان في أيام الأمير محمد أيضاً وله اللعوق المنسوب إلى جواد وله دواء الراهب والشرابات والسفوفات المنسوبة إليه وإلى حمدين وبني حمدين كلها شجارية

 خالد بن يزيد بن رومان النصراني

كان بارعاً في الطب ناهضاً في زمانه فيه وكان بقرطبة وسكنه عند بيعة سبت أخلج وكانت داره الدار المعروفة بدار ابن السطخيري الشاعر وكسب بالطب مبلغاً جليلاً من الأموال والعقار وكان صانعاً بيده عالماً بالأدوية الشجارية وظهرت منه في البلد منافع وكتب إليه نسطاس بن جريج الطبيب المصري رسالة في البول وأعطب خالد ابناً سماه يزيد ولم يبرع في الطب براعة أبيه كان في أيام الأمير عبيد اللّه وأول دولة الأمير عبد الرحمن الناصر وكان يصنع بيده ويفصد العروق وكان على باب داره ثلاثون كرسياً لقعود الناس

 عمران بن أبي عمرو

كان طبيباً نبيلاً خدم الأمير عبد الرحمن بالطب وهو الذي ألف له حب الأنيسون وكان عالماً فهماً ولعمران بن أبي عمرو من الكتب كناش‏.‏

 محمد بن فتح طملون

كان مولى لعمران بن أبي عمرو وبرع في الطب براعة علا بها من كان في زمانه ولم يخدم بالطب وطلب ليلحق فاستعفى من ذلك واستعان على الأمير حتى عفي ولم يكن أحد من الأشراف في وقته إلا وهو يحتاج إليه قال ابن جلجل حدثني أبو الأصبغ بن حوى قال كنت عند الوزير عبد اللّه بن بدر وقد عرض لابنه محمد قرح شمل بدنه وبين يديه جماعة من الأطباء فيهم طملون فتكلم كل واحد منهم في تلك القروح وطملون ساكت فقال له الوزير ما عندك في هذا فإني أراك ساكتاً فقال عندي مرهم ينفع هذه القروح من يومه فمال إلى كلامه وأمره بإحضار المرهم فأحضره وطلى على القروح فجفت من ليلتها فوصله عبد اللّه بن بدر بخمسين ديناراً

 الحراني

الذي ورد من المشرق كان في أيا الأمير محمد بن عبد الرحمن وكانت عنده مجربات حسان بالطب فاشتهر بقرطبة وحاز الذكر فيها قال ابن جلجل رأيت حكاية عند أبي الأصبغ الرازي بخط أمير المؤمنين المستنصر وهي أن هذا الحراني أدخل الأندلس معجوناً كان يبيع الشربة منه بخمسين ديناراً لأوجاع الجوف فكسب به مالاً فاجتمع خمسة من الأطباء مثل حمدين وجواد وغيرهما وجمعوا خمسين ديناراً واشتروا منه شربة من ذلك الدواء وانفرد كل واحد منهم بجزء يشمه ويذوقه ويكتب ما تأدى إليه منه بحسه ثم اجتمعوا واتفقوا على ما حدسوه وكتبوا ذلك ثم نهضوا إلى الحراني وقالوا له قد نفعك اللّه بهذا الدواء الذي انفردت به ونحن أطباء اشترينا منك شربة وفعلنا كذا وكذا وتأدى إلينا كذا وكذا وكذا فإن يكن ما تأدى إلينا حقاً فقد أصبنا وإلا فاشركنا في علمه فقد انتفعت فاستعرض كتابهم فقال ما أعديتم من أدويته دواء لكن لم تصيبوا تعديل أوزانه وهو الدواء المعروف بالمغيث الكبير فأشركهم في علم وعرف حينئذ بالأندلس‏.‏